من لطائف ما قاله علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ..انه كان يجوب في بعض شوارع البصرة.. فاذا هو بحلقة كبيرة والناس حولها يمدون اليها الاعناق.. ويشخصون اليها بالاحداق.. فمضى اليهم لينظر ماسبب اجتماعهم ..فاذا فيهم شاب من احسن الشباب.. نقي الثياب.. عليه هيبة ووقار ..وسكينة الاخيار.. وهو جالس على كرسي ..والناس يأتونه بقوارير من الماء ..وهو ينظر في دليل المرضى ..ويصف لكل واحد منهم مايوافقه من انواع الدواء..
فتقدم اليه علي رضي الله عنه ..
وقال:السلام عليك ايها الطبيب ورحمة الله وبركاته..
هل عندك شئ من ادوية الذنوب؟..فقد اعيى الناس داؤها يرحمك الله..
فأطرق الطبيب برأسه الى الارض.. ولم يتكلم ..
فناداه .. ثانية فلم يتكلم ..
فناداه ثالثة ..
فرفع الطبيب رأسه بعدما رد السلام.. وقال أوتعرف انت ادوية الذنوب ..بارك الله فيك؟ قال علي .. نعم قال صف وبالله التوفيق......
فقال علي رضي الله عنه ..
تعمد الى بستان الايمان.. فأخذ منه عروق النية.. وحب الندامة ..وورق التدبر.. وبزر الورع ..وثمر الفقه.. وأغصان اليقين.. ولب الاخلاص ..وقشور الاجتهاد ..وعروق التوكل.. واكمام الاعتبار.. وسيقان الانابة.. وترياق التواضع..,
تأخذ هذه الادوية بقلب حاضر ..وفهم وافر ..بأنامل التصديق.. وكف التوفيق.. ثم تضعها في طبق التحقيق.. ثم تغسلها بماء الدموع ..ثم تضعها في قدر الرجاء.. ثم توقد عليها بنار الشوق.. حتى ترغي زبد الحكمة.. ثم تفرغها في صحاف الرضا ..وترّوح عليهابمراوح الاستغفار.. ينعقد لك من ذلك شربة جيدة.. ثم تشربها في مكان لايراك فيه أحد الاالله تعالى.. فان ذلك يزيل عنك الذنوب....فأنشأ الطبيب يقول:
ياخاطب الحوراء في خدرها.........شمر فتقوى الله من مهرها
وكن مجداً لاتكن وانياً...............وجاهد النفس على صبرها